“آرثر دي ليتل”: ريادة مستدامة لدول مجلس التعاون في قطاع الألمنيوم
سلطت شركة آرثر دي ليتل، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، في تقرير لها، الضوء على كيفية قيادة مجلس التعاون الخليجي للجهود الرامية إلى إزالة الكربون من صناعة الألمنيوم مع تحقيق مكافآت الاقتصادية. وذلك مع توقعات بوصول استهلاك الألمنيوم العالمي إلى 124 مليون طن بحلول عام 2030، حيث تواجه الصناعة مسؤولية متزايدة لمعالجة بصمتها الكربونية الكبيرة.
وباعتباره المعدن الأكثر استهلاكًا للطاقة، فإن إنتاج الألمنيوم مسؤول عن بعض أعلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في القطاع الصناعي، ومع ذلك فإن دوره الأساسي في النقل والطاقة والسلع الاستهلاكية يستمر في دفع الطلب العالمي عليه.
يسلط تقرير آرثر دي ليتل، الذي يحمل عنوان “الألمنيوم: الطريق إلى الاستدامة”، الضوء على كيفية تمتع دول مجلس التعاون الخليجي بموقع فريد لقيادة التحول العالمي نحو إنتاج الألمنيوم المستدام، مستفيدة من مزاياها الطبيعية. تتمتع المنطقة الغنية بمخزونات الغاز الطبيعي، وتنتج أكثر من 6 ملايين طن من الألمنيوم سنوياً، مستفيدة من بعض أدنى تكاليف الطاقة في العالم. تسمح كفاءة الطاقة هذه بالإنتاج التنافسي، وتؤدي أيضاً إلى انبعاثات أقل من الكربون مقارنة بالمناطق الأخرى التي تعتمد على الطاقة القائمة على الفحم.
وفي الوقت نفسه، يكتسب دمج الطاقة الشمسية في عملية إنتاج الألمنيوم زخماً متزايداً. وبفضل مواردها الشمسية الاستثنائية، تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بميزة طبيعية في تبني حلول الطاقة المتجددة لصهر الألمنيوم وغيره من مراحل إنتاج الألمنيوم التي تتطلب الكثير من الطاقة. يدعم هذا التحول الجهود العالمية للحد من الكربون، ويتماشى أيضاً بشكل مثالي مع أهداف الاستدامة الأوسع في المنطقة.
وعلاوة على ذلك، لا يمكن التقليل من أهمية دور إعادة التدوير في تشكيل منظومة أكثر استدامة للألمنيوم. حيث تحرز الشركات المحلية، مثل شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، تقدماً كبيراً في مشاريع مثل أكبر مصنع لإعادة تدوير الألمنيوم في الدولة. ويعكس هذا المرفق، الذي من المتوقع أن يتعامل مع 170 ألف طن سنوياً، التزام المنطقة بالاستدامة البيئية. ومن خلال زيادة جهود إعادة تدوير الألمنيوم، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي تقليل الاعتماد على استخراج المواد الخام ووضع نفسها كقائد عالمي في ممارسات الاقتصاد الدائري. تهدف الرؤية الطويلة الأجل إلى أن تصل نسبة إنتاج الألمنيوم من المواد المعاد تدويرها إلى 50٪ بحلول عام 2050، مما يعزز مكانة دول مجلس التعاون الخليجي كمركز للصناعة المستدامة.
ومن حيث التكنولوجيا، يتبنى منتجو الألمنيوم في المنطقة بشكل متزايد ابتكارات متطورة مثل احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، فضلاً عن استكشاف إمكانات الصهر باستخدام الهيدروجين. تعمل هذه التقنيات المتقدمة، إلى جانب تطبيقات الصناعة 4.0 التي تعزز من كفاءة الإنتاج، على وضع دول مجلس التعاون الخليجي في طليعة العالم في مجال الألمنيوم المستدام.
تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي سمعة عالمية في مجال الابتكار؛ حيث تم بناء العديد من المدن الكبرى في المنطقة على أساس التصميم المبتكر والتكنولوجيا والتفكير المستقبلي. وفي حالة الألمنيوم، فإن هذا الشغف بالتقدم والتجريب ونقاط القوة في المنطقة يجعل دول مجلس التعاون الخليجي مجهزة تجهيزاً جيداً لاحتضان التقنيات الرائدة لإزالة البصمة الكربونية من الإنتاج. شكلت كبرى الشركات المحلية المنتجة للألومنيوم مشاريع مشتركة مع كبار اللاعبين العالميين ومقدمي التكنولوجيا. وتوجد شراكات بين شركتي “معادن” و”ألكوا” عبر سلسلة قيمة الألمنيوم في المملكة العربية السعودية، وبين “شركة قطر لصناعة الالمنيوم” المحلية وشركة “هيدرو” النرويجية في شكل مشروع مشترك في قطر وهو شركة “ألومنيوم قطر”.
اقرا ايضا: الذهب والفضة يصلان لأعلى مستوياتهما بسبب الضبابية في العالم
إن الجهود المتضافرة التي تبذلها دول مجلس التعاون الخليجي تشكل جزءاً من استراتيجيات وطنية أوسع نطاقاً في مختلف أنحاء المنطقة، حيث يتم مزج التنوع الاقتصادي بالاستدامة. ويُعد “مشروع 300 مليار دولار” في الإمارات العربية المتحدة، ورؤية المملكة العربية السعودية 2030، واستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة في قط، أمثلة رئيسية على الكيفية التي يلعب بها إنتاج الألمنيوم دوراً حيوياً في تطوير الصناعات مستقبلاً. وعلاوة على ذلك، فإن الإطلاق المحتمل لبورصة المعادن الإقليمية في المملكة العربية السعودية يعد بتحويل دول مجلس التعاون الخليجي إلى مركز محوري لتجارة الألمنيوم منخفض الكربون، مما يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار والنمو.
ويخلص تحليل آرثر دي ليتل إلى أنه يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تلعب دوراً تحويلياً في انتقال صناعة الألمنيوم العالمية إلى الطاقة، وذلك من خلال تسخير مزاياها الحالية التي تتمثل في الوصول إلى الطاقة منخفضة التكلفة، والابتكار التكنولوجي، والاقتصاد الدائري المزدهر. سيساعد هذا التطور في معالجة أزمة المناخ، وسيساهم أيضاً في تحقيق الطموحات الاقتصادية للمنطقة، مما يضع منطقة الخليج في مكانة رائدة في الصناعة المستدامة.