باتت جهود وانجازات التحول الرقمي والتكنولوجي في البحرين محط أنظار العالم، حيث تتقدم البنوك في البحرين هذه المسيرة بفضل البيئة المحفزة والتشريعات الملائمة التي اتخذتها الحكومة الموقرة ومصرف البحرين المركزي.
ومؤخراً اشاد اتحاد المصارف العربية بهذه الجهود والإنجازات مشيرا إلى انها ساهمت في إضفاء المرونة على أداء البنوك البحرينية، خاصة يأتي ذلك في ظل نمو اقتصادي جيد، خصوصا في القطاع غير النفطي، والذي من المتوقع أن ينمو بنسبة 3.5 % عام 2024، حيث نجحت البحرين في عزل التداعيات الدولية والإقليمية عن اقتصادها. وعليه، يتوقع أن يظل القطاع المصرفي في البحرين مرنا في العام 2024، مع احتياطات سيولة مرتفعة، وربحية قوية، ومخاطر ائتمان منخفضة.
وفيما يخص التحول الرقمي والتكنولوجي، ينوه الاتحاد بالتوسع الكبير في اعتماد الرقمنة وتحديدا تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المصارف البحرينية، حيث نشهد استثمارات ضخمة في البنية التحتية التكنولوجية لها، ما سيؤدي إلى خفض التكاليف التشغيلية وتطوير الكفاءة والأداء. ولا شك ان سلسلة الاندماجات المصرفية التي تشهدها البحرين تندرج في إطار هذا التوجه بغية توفير موارد اكبر توظف في التحول التكنولوجي، وهو ما يرفع قدرتها على المنافسة وتحسين الاداء.
وأظهرت حكومة البحرين أيضا التزامها بدعم صناعة التكنولوجيا المالية بما يتجاوز مجرد الإصلاحات التنظيمية، من خلال استثمارات تهدف إلى تعزيز الابتكار وريادة الأعمال. وإضافة إلى ذلك، وكجزء من استراتيجية مصرف البحرين المركزي للتحول المالي الرقمي في المملكة والتطورات في الخدمات المالية الرقمية، فقد وضع مبادرات عديدة مثل تقديم البيئة التنظيمية التجريبية، التي تسمح للشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا المالية بتقديم حلول مصرفية ومالية مبتكرة، حيث كان بالفعل استباقيا في اعتماد سياسات وإجراءات تنظيمية تتعلق بالأصول المشفرة، والاستشارات المالية الرقمية، والتمويل الجماعي، والخدمات المصرفية المفتوحة، وإطار اعرف عميلك الإلكتروني وغيرها. وبنتيجة ذلك، شهدت صناعة التكنولوجيا المالية في مملكة البحرين نموا كبيرا، حيث تعمل حاليا أكثر من 120 شركة في مجال التكنولوجيا المالية في المملكة، كما استفادت منظومة التكنولوجيا المالية في البحرين أيضا من وجود 19 حاضنة ومسرعة أعمال، وهو ما يوفر الموارد والدعم شركات التكنولوجيا الناشئة للنمو والتوسع.
اقر ايضا: قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي والمصارف العربية
وواكبت المصارف البحرينية سياسات الحكومة والبنك المركزي في التحول الرقمي واعتماد المزيد من الرقمنة في عملياتها، بحيث يمكننا وصف ذلك «بتحول رقمي واسع» في القطاع المالي البحريني، وهذا التحول ظهرت بوادره في مجالات عديدة، منها تطوير الخدمات المالية، وتقديم خدمات جديدة، وتوسيع نطاقها، وتخفيض كلفتها، إضافة إلى التوجه إلى الاعتماد أكثر على تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وقبل عدة ايام اثار الاحتياطي الفيدرالي الانتباه بشأن توقعات معدلات التضخم وما يستتبعه ذلك من سياسات إزاء سعر الفائدة الأمريكية، مما جعل الأسواق في حالة ترقب، بما في ذلك السوق المصرفي في البحرين وانعكاس ذلك على ادائه في العام الجاري ٢٠٢٤ وكذلك توجهاته نحو الاستثمار في التحول التكنولوجي، لكننا نرى ان تأثير ذلك سوف يكون محدودا كون البنوك في البحرين تمكنت بالفعل من التكيف مع ارتفاع اسعار الفائدة واستفادت منها. وفي حال التوجه نحو بقاءها على ما هي عليه او خفضها فان ذلك سوف يؤدي حتما إلى ازدياد الطلب على الائتمان، خصوصا في ظل نمو اقتصادي قوي متوقع في البحرين، مدعوما ببقاء اسعار النفط عند مستويات جيدة. علما أن استراتيجيات وإجراءات التنويع الاقتصادي التي تنفذها البحرين منذ سنوات طويلة قد أدت فعلا إلى نشوء قطاعات اقتصادية غير نفطية، وقاعدة إنتاجية متنوعة، وقطاع خاص متحفز، وكلها تعتمد على القطاعات المصرفية في عملياتها، وعليه، فإن الطفرة المتوقعة في تلك القطاعات لابد أن تنعكس إيجابا على الطلب على الائتمان المصرفي، وبالتالي على أداء القطاع المصرفي.