أخبار

الرياض تستعد لإطلاق خطة استثمارية بـ600 مليار دولار في أميركا

في ظل تسارع وتيرة الشراكة الاقتصادية بين الرياض وواشنطن، تتحضّر المملكة العربية السعودية للإعلان عن خطة استثمارية طموحة بقيمة 600 مليار دولار موجهة للسوق الأميركية، في خطوة تعكس تحوّلًا استراتيجيًا واسع النطاق في التوجهات الاستثمارية للمملكة بعد إطلاق “رؤية 2030“.

وتأتي هذه المبادرة ضمن رؤية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإعادة تشكيل الاقتصاد السعودي، من خلال تنويع مصادر الدخل، وتوسيع نطاق الشراكات العالمية، وتعزيز الأثر الاقتصادي المباشر على السوق المحلي. وتُعد هذه الاستثمارات امتدادًا لمحادثات رفيعة المستوى، من أبرزها الاتصال الهاتفي بين ولي العهد والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في يناير من عام فوزه بالرئاسة.

خارطة استثمارية واسعة النطاق

تمتد الخطة السعودية لتغطي طيفًا متنوعًا من القطاعات الحيوية، مع توقعات بتركيز خاص على الصناعات الدفاعية عبر شراكات مع شركات مثل “لوكهيد مارتن”، “بوينغ”، “نورثروب غرومان”، و“RTX” (رايثيون سابقًا)، بالإضافة إلى “جنرال أتوميكس”. وتشير مصادر مطلعة إلى أن حصة كبيرة من الاستثمارات ستوجه أيضًا نحو قطاعات التكنولوجيا، البنية التحتية، والطاقة النظيفة.

وتكشف تفاصيل أولية أن الخطة لا تقتصر على الاستثمار الخارجي فحسب، بل تشمل مشتريات استراتيجية موجهة لدعم القطاعين العام والخاص داخل المملكة، بما يعزز أهداف التوطين ونقل التقنية.

اقرا ايضا: الصين ترفع الحظر على استلام طائرات “بوينغ” الأميركية

منحى استثماري مختلف

منذ إطلاق “رؤية 2030″، تبنّت السعودية نهجًا استثماريًا مختلفًا قائمًا على تعظيم العائدات الاقتصادية المحلية من خلال اشتراطات مثل إنشاء مراكز إقليمية للشركات المتعاقدة، والمشاركة في تمويل وتنفيذ المشاريع الكبرى مثل “نيوم” و”البحر الأحمر”. وتجاوز عدد المقرات الإقليمية للشركات العالمية في المملكة حاجز الـ570 مقرًا، متخطياً مستهدفات الرؤية للعام 2030.

دلالات زيارة ترامب وتعزيز الشراكة

يرى الخبير الاقتصادي الدكتور بندر الجعيد أن أول زيارة خارجية للرئيس ترامب إلى السعودية حملت دلالات سياسية واقتصادية عميقة، لا سيما أنها تزامنت مع انعقاد منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بمشاركة كبار التنفيذيين من كبرى الشركات الأميركية.

وأشار الجعيد إلى أن هذه الزيارة جسّدت مسارين رئيسيين: الأول سياسي يسعى لتحقيق استقرار إقليمي، والثاني اقتصادي يركز على بناء شراكات طويلة الأمد في مجالات متعددة. وتوقع توقيع اتفاقيات في مجالات الخدمات المالية، الطاقة المتجددة، الهيدروجين الأخضر، والذكاء الاصطناعي، خصوصاً بعد إعلان المملكة عن شركة متخصصة في هذا المجال.

ثقة الأسواق والمؤسسات العالمية

أبدت كبرى المؤسسات المالية العالمية، وعلى رأسها “بلاك روك”، اهتمامًا متزايدًا بالمملكة. ووصف رئيس الشركة فرص الاستثمار في السعودية بأنها “الأكبر التي رآها في حياته المهنية”، مؤكدًا عزم بلاك روك على إنشاء مقر إقليمي ضخم في الرياض. كما أكد مؤسس “Vista Equity Partners” خلال قمة الأولوية في ميامي أن “الكل هنا لأنه يدرك أن المستقبل يمر عبر السعودية“.

أفق جديد للشراكة الاستراتيجية

تعكس هذه التحركات ديناميكية جديدة في العلاقات الاقتصادية بين السعودية والولايات المتحدة، حيث لم تعد الرياض تتبنى نموذج الاستيراد التقليدي، بل باتت تسعى إلى بناء منظومة استثمارية متكاملة ذات أثر مباشر ومستدام على الاقتصاد الوطني، مما يعزز موقعها كمحور رئيسي في خريطة الاقتصاد العالمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى