موسم الهجرة من الأسواق / من الواضح أن هناك تأثيرات مباشرة للتغيرات الاقتصادية وارتفاع الأسعار على سلوك المستهلكين، حيث أشارت العديد من الدراسات إلى تراجع حجم الانفاق الاستهلاكي للعائلات في كل من بريطانيا والولايات المتحدة ومنطقة اليورو، يرتبط بالدرجة الأولى بارتفاع الأسعار، والذي تجاوز في بعض السلع ما يزيد عن 100%، بسبب تداعيات الأزمة الروسية الاوكرانية وارتفاع معدلات التضخم وزيادة نسب البطالة.
وتوضح الدراسات أيضا إلى توجه كثير من العائلات للبحث عن بدائل أقل كلفة، أو الاعتماد على تجهيزات منزلية، خصوصاً فيما يتعلق بالغذاء والمستلزمات الشخصية، فيما تذهب الفئة الثالثة من المستهلكين إلى التخلي التام عن السلع والخدمات التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير.
ولكن السؤال المطروح هنا؛ ماذا لو استمرت الزيادة في الأسعار، مع ملاحظة بقاء الدخل كما هو؟
الجواب ببساطة هو تقليل عمليات الشراء إلى الحد الأدنى، أو على الاقل إلى الحد الذي تسمح به ميزانية العائلة، ما يعني انخفاض حجم مبيعات المتاجر والمؤسسات التجارية، والتي قد يصل بعضها إلى حد العجز عن عن تغطية مصروفاته، وبالتالي الانسحاب من السوق أو تغيير النشاط بما يتوافق مع التغييرات السوقية، وهو ما حدث بالفعل إبان جائحة كورونا.
اقرا ايضا: صناعة الحلال.. تفكير خارج الصندوق
المؤشرات الواضحة إلى الآن أن هناك بداية تغيير في سلوكيات المستهلك، خصوصا مع الشعور بوجود مبالغة في أسعار بعض السلع، فلا يمكن أن تبدأ بمناقشة أحد أرباب الأسر إلا وتحدث عن هذا الفارق، مع سرد مقارنات بين الأسعار قبل وبعد، وتبيان أن الفجوة بدأت تؤثر على حجم الانفاق الاستهلاكي، بما فيها المواد الغذائية الرئيسية.
العديد من الأفراد وحتى العائلات لجأت إلى تقنين كثير من سلوكيات انفاقها اليومية، من خلال بدائل قد تكون جيدة بأسعار مناسبة، فيما اشتكى كثير من أصحاب المتاجر من عزوف المتسوقين، أو على أقل تقدير تقليل انفاقهم مقارنة بالسابق.
الأسواق تمر بمرحلة صعبة الآن، وهي ذات الصعوبة التي يمر بها المتسوقون، خصوصا من أصحاب الدخول المتوسطة والدنيا، ما يعني أن رحلة هجرة المتاجر والأسواق قد تكون أحد الحلول، ولكنها ورغم تحقيقها لأهداف الأفراد ستكون كارثية على اصحاب المتاجر والاقتصاد بشكل عام.
هل الحل يكمن في رفع الأجور أو في خفض الأسعار؟! أم أن هناك طريقاً ثالثا لتبقى الأسواق منتعشة..!؟